اضغط على التالي للمتابعة :
في البداية كانت المواد الغذائية محل اختبارٍ لاستخراج الوقود، لكن ذلك كان على حساب الأفواه الجائعة، لكن التفكير الجدّيّ في البحث عن البديل كان ناجعًا عندما تم الانتباهُ إلى شُجيرة لا يَلتفت إليها أحد إلا من أجل اجتثاثها، إنها الجاطروفا.
شجرة الجاطروفا:
تلك الشجرة "الجاطروفا"، كثيرًا ما اشتكى منها الفلاحون، كانت سريعة النمو، ويعتبرها المزارعون شجيرةً طفيلية، كثيرًا ما تضايقهم باعتدائها على مجالاتهم الحيوية، تعطي الجاطروفا أزهارًا، ثم تعطي بسخاء ثمارًا وفيرة، بذورُها غنية بالزيت، لكنه زيت مرٌّ ومسموم.
تعطي الثمار بعد عامين على غرسها، ويمكن استغلال الأرض بين الأشجار في تلك الفترة؛ كزراعة الكلأ والخضراوات وغير ذلك؛ حيث يمكن تغطية التكاليف، وفي السنة الثالثة يبدأ جني الثمار.
أصل الجاطروفا من أمريكا الجنوبية، اسمها العلمي: "جطروفا كيركاس" (Jatropha curcas)، ثم انتشرت في باقي القارات، في الهند بدأ اهتمام العلماء بشجرة الجاطروفا؛ لعلهم يكتشفون بعض المزايا لتلك الزيوت المُرة التي تنتجها بوفرة، إنها لا تحتاج إلى الكثير من الماء لكي تنمو وتصبح شجرة مثمرة، كما أنها لا تحتاج إلى الكثير من العناية التي تحتاجها بقية المزروعات، والتي تُثقِل كاهل الزارعين بالمصاريف والأشغال.
إذا كان إنتاج مادة "الإتانول" كمحروق يتطلب الكثيرَ من التكاليف من أجل زراعة قصب السكر والقمح والذرة، فارتفاع ثمن هده المنتجات الحيوية كان ضروريًّا لإطعام الساكنة، ولا يمكن العبث بها، وهكذا برزت الجاطروفا لتفرض نفسها كبديل لتلك المنتجات.
في عرض لخصائص شجيرة الجاطروفا صرح بعض العلماء الهنود بأنها ستقوم بإنقاذ الجنس البشري، وأنه بعد التأكد من فوائدِها سيتهافت المزارعون على زرعها.
لم يكن أحد ينتبه إلى تلك الشجرة المنبوذة لولا ارتفاع أسعار النفط، وفجأة سطع نجمها؛ لمكانتها في إنتاج بديل طاقي بكميات مهمة وبتكلفة معقولة.
وزيت الجاطروفا يمكن استخدامه كبديل لزيت "الديزل" الأحفوري، أو مزجه بنسبة معينة، ويستخدم مباشرة في السيارات دون أي تعديل في محرك "الديزل"، وكذلك لتشغيل الآلات الفلاحية، ومولّدات الطاقة الكهربائية، هذا بالإضافة إلى إنتاج مستحضرات علاجية.
زراعة الجاطروفا:
قادرة على النمو بسرعة في مختلف البيئات الزراعية؛ فهي شجيرة تتحمل الجفاف حتى في الصحراء، وفي الأماكن التي لا نتصور أن نحصل منها على منتوج زراعي، فهي نبتة تصلح زراعتها في مختلف الأقطار العربية، فأشجار الجاطروفا لن تتطلب مصاريف كثيرة، وتمنح مزايا شتى؛ ستلطف الجو الحار في الصحراء، وتعطي منظرًا طبيعيًّا، والأزهار للنحل، وكذلك ثمارًا سخية بزيوتها للآلات.
سقي الجاطروفا بمياه الصرف الصحي:
الملاحظ أن المدن تتوسَّع بشكل لافت للنظر، ومع توسعها تكثُرُ الحاجة إلى المياه، ولا نتصور أن نجد مدينة بدون صرف صحي، فتلك المياه العادمة يجب التخلصُ منها بأية وسيلة بعيدًا عن المدينة، أصبحت تلوّث الأنهار والبحار والمياه الجوفية، لكن الاستعمال المتعقّل لتلك المياه سيعطي لا محالة مفعوله :
• عند معالجة مياه الصرف الصحي، نستخرج منها الأسمدة والمياه التي يعافُها طبعًا الإنسانُ، نسقي بها مزارع الجاطروفا.
• على مقربة من مدننا سنتمتع بغاباتٍ خضراء، ومن بين أشجارها الجاطروفا التي ستلطف الأجواء، وتمتِّع الناظرين قبل أن تهدي لنا طاقة بديلة.
إذا كانت فكرة إنتاج طاقة بديلة فرضت نفسها، فإن زراعة الجاطروفا لن تكون منافسًا شرسًا لإنتاج النفط، لكن عناصر زراعتها ستعطي لا محالة أُكلها، ليس أكل ثمارها؛ لأنها مسمومة، لكن ستُجنى من ثمارها قيمة مضافة للاقتصاد من جهة؛ لأن اليدَ العاملة في البوادي هي رهنُ الإشارة، ولأن الساكنة في المدينة تتطلَّعُ إلى مساحات خضراء، وهواء نظيف.
0 التعليقات:
إرسال تعليق